يقال ان المصيبة تبدأ كبيرة ثم تصغر.. لكن مصيبتنا كا نت صغيرة ثم اخذت تكبر.. عندما بدأت عمليات السلب والنهب والحرق في وطني .. حينها شعرت ان خلايا جسدي تفرقع ، وعظام يدي تسرق.. تشتت افكاري ، ولم استطع لملمتها.. وحالي هو حال الملايين من العراقيين.. مصيبتنا الاولى في الاحتلال ، ومصيبتنا الثانية فينا ، تشتتنا ، قتلنا ، سرقنا بعضنا البعض ..! هل كنا واعين أم مغيبين ؟ اين عقلاؤنا وكبارنا ؟
وطني جريح.. وطني يمزف .. وطني يتلوى من الالم.. بدني يقشعر ، ترتعش مشاعري تتلاطم هواجسي خوفا على عراقيتي ، على هويتي ، على انتمائي..
قبل خمسة اعوام من الان فاجأتني معلومة صغيرة ، بديهة، تعلن بدء الليلة الاولى للحرب ، وكأن ذاكرتي ترفض ان تقع خلف أسيجة الشوك التي تحبسني خلفها ، الاحتلال.. مع انها كمعلومة تصدمني كل صباح ومساء ، الفوضى المحيطة بي وبالوطن ، والنشيج الذي يزاحم غصاتي الملتاعة ، ينفجر الما في حلقي ، يتفجر قنابل على ارضي ، فيحيل ابناء بلدي الاحبة الى اشلاء.. اعود بالذاكرة الى ايام سبقت تلك الليلة المشؤومة ، واصغي الى المراحل الثلاثة التي تعودناها قبل الحرب واثناءها وما بعدها .. وفي كل مرة نعد العدة وننتظر دون ان نحدد ما الذي ننتظره حقا..
قبل 20/3/2003 كنا نعرف ان الحرب واقعة مع خيط شك ضئيل يقول : ربما .. وكنا نتساءل مع انفسنا ، فالاحاديث بصوت عال غير مأمونة خشية رحلة ما وراء الشمس : اتراه لا يرى ما نراه ؟ ولا يحلل ما نسمعه ..! ولا يفهم الصور الواضحة حقا ، ام ان هناك شيئا اخر لا نفهمه نحن ..!!
ولم تتعثر الاسئلة المتتالية مثلما فعلت اثناء الحرب .. نسينا صدام وقيادته واجهزته الامنية الضخمة ، ولم يبق غير العراق .. وحيث ضاعت خطواتنا بحثا عن مسيرة صحيحة تؤمن حمايته حقا ، سقطنا في شك طويل ابتدأ يوم 9/4/2003 .. فهل نفرح بزوال حكم اخذ منا كل شيء ، ولم يعطنا غير الدمار والموت والخراب والالم ؟ ام نصغي الى صوت حشرجة الغصة الدامية في القلب وهي ترى اندحار معنى المواطنة وضياع ذلك الخيط الصلب الذي ينسج معنى الانتماء ..!!!
ضاعت التسميات ، واختلط اسم العراق بتداعيات سقيمة ، فيما انتثرت صكوك الغفران ولكن بلا كنيسة حقيقية.. وصار العراق مادة دسمة للفضائيات والصحف والبحوث التي وجدت لها املا بعد كساد افغانستان ، وملل فلسطين ، مرورا ب كوسوفو والصرب ، والامثلة ذات الفصول المسرحية تنتظر دائما ممثلون جددا .. لم يعد لدينا الان الا ان نعيد الحب الى عقولنا ، وان نزاول عشق العراق وارضه وسمائه .. ان نفهم لماذا نشعر بالاغتراب بدونه ؟ ولماذا حين نغادره نصطحب الماضي فقط ، ونعيش الحاضر من خلاله .. لم يعد لدينا غير غد نأمل ان يأتي ، علنا نعرف اخيرا : ما الذي كنا ننتظره حقا..
فبالنسبة لي ما عادت بغداد، والشعراء ، والصور ، بل هي حجارة الم وفوضى ، وجمهرة بؤس ، واناس بلا مأوى ، وجموع ضيعت سبيلها ، فمتى نلتم يا وطني ؟ اراقب التلفاز طعنات الصواريخ ، وصيحات الالم من عاصمتي بغداد التي احالها الاحتلال حسب التصنيفات العالمية للعواصم : الى اسوأ مدينة على وجه الكرة الارضية ، ومع كل صاروخ أهتف ملء الروح : الله عليك يا بلدي .. يا حبي المبتدأ وفرحي الاثير .. وتلك عاصمتي ام البساتين ، هل يعقل ان تدوسها بساطيل الاجنبي وتدكها..! وذكرياتها التي كانت توحي لكل سكان الارض ، بالشعر ، والعزة ، والنخوة ..! ايليق بها ان تنوخ تحت الحراب ..!
لقد كان الربيع موجودا برغم انف الموت ، وان كنت في 9/4/2003 فهمت معنى المثل القائل " كنا كالمستجير من الرمضاء بالنار " حين سقطنا في مطب الذهول ، ورحنا نتفرج على بلد عمره الاف السنين ، وهو ينهار تماما في ثلاثة ايام ، فصار الالم ينهشني من الداخل وينهش يلادي من داخلي ايضا ، وصرت املك حسرة بحجم العراق .. ان الدم المسفوح ونشوة الدفء المهدورة لاجل العراق لن تذهب سدى..
وارى من بعيد هناك ، عراقا يسكنه احفادي ، وبه خيري وشمعي وذكرياتي، فعجلة التاريخ كانت دائما تقاد بيد من هم الافضل من كل ما حولي ..
سلام
وطني جريح.. وطني يمزف .. وطني يتلوى من الالم.. بدني يقشعر ، ترتعش مشاعري تتلاطم هواجسي خوفا على عراقيتي ، على هويتي ، على انتمائي..
قبل خمسة اعوام من الان فاجأتني معلومة صغيرة ، بديهة، تعلن بدء الليلة الاولى للحرب ، وكأن ذاكرتي ترفض ان تقع خلف أسيجة الشوك التي تحبسني خلفها ، الاحتلال.. مع انها كمعلومة تصدمني كل صباح ومساء ، الفوضى المحيطة بي وبالوطن ، والنشيج الذي يزاحم غصاتي الملتاعة ، ينفجر الما في حلقي ، يتفجر قنابل على ارضي ، فيحيل ابناء بلدي الاحبة الى اشلاء.. اعود بالذاكرة الى ايام سبقت تلك الليلة المشؤومة ، واصغي الى المراحل الثلاثة التي تعودناها قبل الحرب واثناءها وما بعدها .. وفي كل مرة نعد العدة وننتظر دون ان نحدد ما الذي ننتظره حقا..
قبل 20/3/2003 كنا نعرف ان الحرب واقعة مع خيط شك ضئيل يقول : ربما .. وكنا نتساءل مع انفسنا ، فالاحاديث بصوت عال غير مأمونة خشية رحلة ما وراء الشمس : اتراه لا يرى ما نراه ؟ ولا يحلل ما نسمعه ..! ولا يفهم الصور الواضحة حقا ، ام ان هناك شيئا اخر لا نفهمه نحن ..!!
ولم تتعثر الاسئلة المتتالية مثلما فعلت اثناء الحرب .. نسينا صدام وقيادته واجهزته الامنية الضخمة ، ولم يبق غير العراق .. وحيث ضاعت خطواتنا بحثا عن مسيرة صحيحة تؤمن حمايته حقا ، سقطنا في شك طويل ابتدأ يوم 9/4/2003 .. فهل نفرح بزوال حكم اخذ منا كل شيء ، ولم يعطنا غير الدمار والموت والخراب والالم ؟ ام نصغي الى صوت حشرجة الغصة الدامية في القلب وهي ترى اندحار معنى المواطنة وضياع ذلك الخيط الصلب الذي ينسج معنى الانتماء ..!!!
ضاعت التسميات ، واختلط اسم العراق بتداعيات سقيمة ، فيما انتثرت صكوك الغفران ولكن بلا كنيسة حقيقية.. وصار العراق مادة دسمة للفضائيات والصحف والبحوث التي وجدت لها املا بعد كساد افغانستان ، وملل فلسطين ، مرورا ب كوسوفو والصرب ، والامثلة ذات الفصول المسرحية تنتظر دائما ممثلون جددا .. لم يعد لدينا الان الا ان نعيد الحب الى عقولنا ، وان نزاول عشق العراق وارضه وسمائه .. ان نفهم لماذا نشعر بالاغتراب بدونه ؟ ولماذا حين نغادره نصطحب الماضي فقط ، ونعيش الحاضر من خلاله .. لم يعد لدينا غير غد نأمل ان يأتي ، علنا نعرف اخيرا : ما الذي كنا ننتظره حقا..
فبالنسبة لي ما عادت بغداد، والشعراء ، والصور ، بل هي حجارة الم وفوضى ، وجمهرة بؤس ، واناس بلا مأوى ، وجموع ضيعت سبيلها ، فمتى نلتم يا وطني ؟ اراقب التلفاز طعنات الصواريخ ، وصيحات الالم من عاصمتي بغداد التي احالها الاحتلال حسب التصنيفات العالمية للعواصم : الى اسوأ مدينة على وجه الكرة الارضية ، ومع كل صاروخ أهتف ملء الروح : الله عليك يا بلدي .. يا حبي المبتدأ وفرحي الاثير .. وتلك عاصمتي ام البساتين ، هل يعقل ان تدوسها بساطيل الاجنبي وتدكها..! وذكرياتها التي كانت توحي لكل سكان الارض ، بالشعر ، والعزة ، والنخوة ..! ايليق بها ان تنوخ تحت الحراب ..!
لقد كان الربيع موجودا برغم انف الموت ، وان كنت في 9/4/2003 فهمت معنى المثل القائل " كنا كالمستجير من الرمضاء بالنار " حين سقطنا في مطب الذهول ، ورحنا نتفرج على بلد عمره الاف السنين ، وهو ينهار تماما في ثلاثة ايام ، فصار الالم ينهشني من الداخل وينهش يلادي من داخلي ايضا ، وصرت املك حسرة بحجم العراق .. ان الدم المسفوح ونشوة الدفء المهدورة لاجل العراق لن تذهب سدى..
وارى من بعيد هناك ، عراقا يسكنه احفادي ، وبه خيري وشمعي وذكرياتي، فعجلة التاريخ كانت دائما تقاد بيد من هم الافضل من كل ما حولي ..
سلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق